رحلتى مع المساجد ( الشيخ المحدث )

ورغم سرعة الاحداث والايام التى تمر مرور السهم من القوس  الا انها كانت ايام كفيله بأن تخرج الشاب بمحصلة تجربه جيده ومفيده
ومع نضوجه وبلوغه تشكلت بداخله تلك النزعه الى البحث عن منهج يصير له مصباح ضوء اضطرته الظروف ان يكون وحيد فى هذه الرحله  وان يفكر بشكل مختلف عن الجمع من حوله لكن ليس  عيب ان تكون فى الطريق لوحدك لكن العيب ان تسير فى طريق انت لست مقتنع به وتسير فيه لان الكل من هنا يسير  هذه مخلص تجربته

                                       **************************************
الان  قضيت سنى الثانويه بأزماتها وحلوها وجموحها وصعابها واعبائها   ودخل الى عالم اخر الجامعه  الحياه الجامعيه مليئه بالصخب والتنافس والمبارزه احيانا حياه فيها احلام مختلطه بأمال ربما من استطاع ان يحافظ على توازنه فى ايامه الاولى هو من سينجو من الامواج العاتيه فى الحياه الجامعيه
لكن الان اصبح لديه حريه اكبر فى التنقل والتحرك انتهت قيود الثانويه وبطيبعة دراسته مجال عملى وليس نظرى فهو سيقضى ساعات النهار وشئ من الليل خارج البيت دون ان يسأله احد عن سبب التأخير
ولما بدأ الاندماج فى حياة الجامعه عاد الى الانتظام فى دروس الشيخ الذى عثر عليه فى طريقه مصادفة دون تدبير منه  هو يؤمن بأن لا شئ فى الكون اسمه صدفه ولذا كان يسأل نفسه دوما ماذا ينتظرنى لماذا اسير فى طريق قلا سالكيه لماذا فى هذه السن الحديثه امر بتلك التجارب الكبيره
                                             *********************************
مره بعد مره صار الشيخ يلاحظ وجود الشاب بين تلاميذه الشيخ تقريبا يعرف كل من يحضرون له بأسمائهم بل يناديهم بأسم كل واحد منهم إذا اراد منه ان يجيب عن سؤال  اما الشاب فهو جديد على هذا المجلس ومما سهل ملاحظته ان التلاميذ كلهم غارقون فى الاوراق والكتابه والتسجيل خلف الشيخ اما هو فلا ورقة له ولا قلم يكتفى بالسماع والنظر الى الشيخ حين يتكلم  .................
كان للشيخ لازمه عجيبه اثناء حديثه فهو كان يخرج لسانه ويضغط عليه بأسنانه الاماميه ضغطه خفيفه وهى كانت تسير ضحك الشاب فاراد التنحى والاختباء خلف عمود من اعمدة المسجد حتى لا يزعج الشيخ بلازمته الغريبه
اصبح السؤال المعتاد لديه من هذا الرجل وما اسمه ...................  وبعد حضوره مجلسين او ثلاث عرف الرجل
هو شيخ مغمور ليس من شيوخ الفضائيات رغم انه يشبهاهم كثيرا الا انه مختلف تماما يدعى حسن عبد الستير النعمانى  وتوافرت فى الرجل كل المميزات التى يبتغيها الشاب فى الفقيه حتى يستمع له   لا يتكسب من القاء الدروس وتعليم الطلبه  له مصدر رزق اخر فهو يعمل مدرس لغه عربيه فى وزارة التربيه والتعليم  ولا يرتجل فى كلامه بل ديدانه الورقه والقلم من امهات الكتب والاهم من هذا خفة ظله
كل يوم يزداد الاعجاب من قبل الشاب للشيخه المحدث لان معظم دروسه فى علم الحديث  الشيخ على خلاف مع مشايخ الفضائيات وابرز الاسماء الاعلاميه منهم يفند لهم اخطاء بالجمله  وهذا يعجب الشاب فهو منذ ظهور هؤلاء عر الفضاء الفسيح لم يرنو اليهم او يهضم اسلوبهم فضلا عن صورهم التى يصرون ان  يظهرو بها على الهواء
الشيخ يتناول كل القضايا تقريبا اثناء شرح الاحاديث من كتبه المنتقاه وبعد ان ينتهى من شرح الكتاب يقيم امتحان للطلبه ويكافأهم بمجموعة كتب للاوائل  واشتد الاعجاب فى تلك المره التى حضر الشاب فيه توزيع الجوائز وكان المتصدر إمراءه  وربحت المركز الاول  وجلس الشيخ يمتدحها وقال ان احد من عاونه فى ايامه الاولى كانت إمراءه والف كتاب فى الرد على بعض المسائل التى اختلفا فيه  ..................... الشيخ المحدث  رجل له اراء قويه فى مسائل يتمايع البعض فى الرد عليها  بل يحافظ على المنهج وتتاكد عند سماعه انه ابن لهذا البلد ليس مجرد شخص ارتحل فى شبابه الى السعوديه او اليمن ثم عاد بالغطره واللحيه وافكار غريبه لا تعدو عن كونها إجتهاد شخص ثم يحاول نشرها على انها من صحيح الدين  الشيخ المحدث افاد الشاب فى امرين مهمين  اولاهما انه صحح له كثير من المفاهيم المغلوطه  وثانيهما انه فتق زهنه الى فرع من العلم فى غاية الضروره ويحوى بداخله الفروع الاخرى وهو تعلم الاشكالات ودفعها اى الشبهات التى يثيرها البعض وكيف يمكن الرد عليه وهذه اثقلت مهارات الشاب بشكل كبير فأصبح الفقه عنده ليس مجرد ماده للإمتحان بل للتجويد وابراز كل ما خزنه بداخله من معلومات واحيانا استعراض مهارات لان اساتذة الجامعه فى جامعة الازهر حين ينتدبون لتدريس الفقه لطلبة الكليات العلميه لا يعيرونهم إهتماما كبير وقاعدتهم فى ذلك  "عايزين ينجحو وخلاص"
مرات الدروس والايام وانتظم الشاب فى الحضور مرتين فى الاسبوع  .............. حتى سمع خبر صادم المسجد الذى يحضر فيه للشيخ اتخذ قرار بهدمه لانه يعترض مشروع مترو الانفاق الجديد وما ان ذهب  الى المسجد فى يوم الدرس حتى وجد المسجد انقاض ووقف مزهول ومشغول البال انى له ان يعثر على هذا الرجل مره اخرى واين سيلقى دروسه وهو حتى لم يتعرف على إحدهم حتى يستعين به فى معرفة المسجد الذى سيكمل الشيخ فيه دروسه
هاهى محطه اخرى مرة  وينتظر الشاب محطات اخرى يبحث عنها وتبحث عنه يساق له وتساق له ويشغله نفس السؤال ماذا ينتظرنى

                                                                                                                           ................. يتبع

تعليقات

المشاركات الشائعة