خلق الليالى

ملحوظه هامه : هذا الموضوع لا يناقش قضايا عاطفيه .

 يقول احمد شوقى فى قصيدة "سَلو قَلبي" 

" ولا ينبيك عن خلق الليالى ****  كمن فقد الاحبة والصحابا "
وكنت فى قد قضيت امدا فى كنف من يحب الشعر و يحفظ منه من الابيات ما يروى ظماه  و يشفى مهجته  
وان كنت اخذته إرثا فنعم الإرث واما قد جرى عليه ما يجرى على الحوادث فقد عدنا الى ما بدأت به  إن لليالى خلق لا يعرفه إلا من ذاق مرارته و شرب من كأسه ......  والاعجب ان كل ذائقه لا محاله  ستمر الايام و تأتى الليالى بخلقها وقبحها و بغضها 
ليالى كريهة شديدة الوطْء تقيدك من اطرافك وتسحق أفكارك وتسكن فيك تزرع كابه و تقتل مظاهر الحياة حتى إن تمكنت تركت خواء ظاهره فيه الحياه و باطنه من قبله الموت 
و تبقى هذه المعركه دائره حتى يظهر احد الطرفين على الاخر إما ان تقتلك الليالى وتجهز عليك او على ما تبقى منك او تفك أنت قيدك وتهزم الليالى وتظفر ببقية أيامك تعيش ما تبقى منها بشكل سوى او أشبه بالسوى 
وتضعك الاقدار فى هذا ألاختبار حتى تقف وتنظر لمن مرو من هذا الممر فى وقت ضيق تتعجب كيف مرو بعد فقدان من كانو يساندو من قبل فى مرور الايام  هل هم أكثر قوه ؟! ام أنت من يعانى من الوهن . أم أنهم أقل إحساس وتفاعل مع الالم  ام أن التعلق القلبى شئ لم يمن الله به على الجميع ........  وهنا يظهر فى الداخل فكره اخرى وهى فكره مقلقه ... مخيفه ... مربكه 
لماذا يكون الاختبار الاقسى و الاعنف دوما من نصيب الاكثر تعلقا بمن حوله ؟
إن الاب او الام شديدى التعلق بأبنائهم هم فى الغالب من يفقدوهم .........  و الابناء او احد الابناء الاكثر تعلقا بأبويه هو من يفقدهم مبكرا .... و الصديق الذى يقترب من صديق على وفاق فكرى معه سرعان ما يفترقا تحت بند  "ظروف الحياه و مشاغلها" 
الانبياء أشد ما أفتتنو افتتنو فى من تعلقو بهم ..... نبى الله نوح فقد أبنه غريقا امام عينه ..... نبى الله أيوب فقد اثنى عشر ولدا كان متعلق بهم هو و زوجاته ..... نبى الله إبراهيم الذى عانا العقم حينما انجب له وصار له ولد  وتعلق به  كتب عليه الفراق وان يعيش أبنه بعيدا عنه   ثم أفتتن فى ذبحه ..... رسول الله محمد فارقه ابنه الذكر الذى تعلق به وبكى على فراقه 
.... لماذا ؟!!!.....
القلب لا ينبغى ان يسكنه تعلق ببشر تعلقا شديد خارج عن حدود المألوف لأن الفؤاد ليس لك ربما هى رغبه ربانيه ان يكون هذا المكان مقصور عليه فقط وكل ما عداه يكون خارجه كسبيل نجاه 
انظر فى قصص القرءان  تجد ان الابوان اللذان تعلقا بأبنهما الشقى سلط الله على الولد الشقى من قتله حفاظا على دين أبواه 
و ان زليخة التى أذهب عقلها حب نبى الله يوسف حتى أنها نسيت منزلتها و مكانتها فى المجتمع  بعد ما تبدل الحال الى غير حال  وتزوجها نبى الله يوسف سألها ذات يوم " إنى لأعجب لأمرك حين كنت لا أحل لك كنتى تسعين خلفى و الان أطلبك  فتتمنعين على 
فكان ردها العجيب  والاعجب  حينها كنت انت وحدك فى القلب متعلقا بك اما الان فليس فى القلب سواه " تقصد حب الله 
هل الله سبحانه وتعالى حتى يحفظ لخلقه دينهم كما وعدهم فى قوله " وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم "
يكتب عليهم فراق الاحبه تخلية لقلوبهم الحسيه دون الجارحه ... لكن الفجعة تكوم فى خلق الليالى التى لا ترحم و لا ترفق بمن سقط بين نواجزيها ......... وربما تجد اعلى مرتبة فى هذا فى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم 
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيَّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة))؛ رواه البخاري.

معنى ﺍﻟﺼﻔﻲ: ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ؛ ﻛﺎﻟﻮﻟﺪ ﻭالأﺥ، ﻭﻛﻞ ﻣﺤﺒﻮﺏ ﻣﺆﺛﺮ.

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ:
ﻗﻮﻟﻪ: ﺇﺫﺍ ﻗﺒﻀﺖ ﺻﻔﻴﻪ - ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﺍﻟﻤﺼﺎﻓﻲ؛ ﻛﺎﻟﻮﻟﺪ والأخ، ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺤﺒﻪ ﺍﻟﺈﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻘﺒﺾ: ﻗﺒﺾ ﺭﻭﺣﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﺕ.

ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑـ: "اﺣﺘﺴﺒﻪ": ﺻﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻓﻘﺪﻩ، راجيًا الأﺟﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ

**************                            ****************                  **************** 

ولا يزال من الشعر بيت اخر يفيض بشئ تطيب له النفس و يكون  سبب فى راحتها و سكونه هذا القصه المحزنه و هى على سبيل تسلية النفس و الترويح عنها 
قال رجل لعمر بن عبد العزيز عند وفاة ابنه عبد الملك:
تعزّ أميرَ المؤمنين فإنَّه ... لما قد ترى يُغذي الصغيرُ ويولدُ
هل ابنُك إلاَّ من سلالةِ آدمٍ ... لكُلٍّ علَى حوض المنيَّةِ موْرِدُ  


و هذا نوع من التعزيه يساعد على مجابهة الليالى و خلقها  التى تقسو وتقسو وانت ان تجابه تسمو وتسمو 
***************                       *********************                  **************** 
ملحوظه اخرى : كتب هذا الموضوع من أجل مساندة نفسى و من يقفون الان فى وسط معركه ضاريه مع خلق الليالى 









تعليقات

المشاركات الشائعة